القائمة الرئيسية

الصفحات

جدل الغيب و الشهادة



جدل الغيب و الشهادة
قراءة قرآنية

الأستاذ سعيد الشبلي
 تمهيد:
       
 " الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير. يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور . وقال الذين كفروا لولا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين. ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة ورزق كريم. والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك لهم عذاب من رجز أليم". ([1]). إذا كان مما لا خلاف عليه بين الموحدين أن التقسيم الجوهري الذي يقيمه القرآن الكريم بين الناس هو تقسيمهم إلى مؤمنين وكفار مصداقا لقوله تعالى " هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير "([2])، فإنهم متفقون ولابد على أن مسألة الغيب والشهادة تعد قضية القرآن الرئيسية وموضوعه المركزي ، كيف والمؤمن لا ينعقد له هذا اللقب إلا إذا آمن بالغيب، والكافر لا يصدق عليه وصف الكفر إلا اذا أنكر الغيب بعضه أو كله. لذلك كان لابد لكل من سعى في تدبر شيء من القرآن الــــكريم طلبا للتعليم الإلهي، من أن يجد نفسه في كل لحظة وحين بإزاء مصطلحات الغيب والشهادة سواء عند اطلاعه على صفات الذات الإلهية.
" قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب" ([3]أو عند نظره في شأن العالم:" وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ([4]) .
وعلى شاكلة العالم يتجلى الانسان بما ظهر منه وما بطن وما استسرّ منه وما أعلن وما بدا منه وما انكتم " والله يعلم ما تسرون وما تعلنون "([5]).
فلا توجد قضية من قضايا الوجود الإنساني إلا وجدل الغيب والشهادة يستوعبها ونظامه الذي عليه تأسس يديرها وينظمها وذلك كله بتقدير "عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال" ([6]).

1 _   معنى الجدل
         الجدل هو العلاقة العضوية الحية الناظمة لالتقاء شخصين أو معنيين يؤثر كل واحد منهما في الآخر ويتأثر كل واحد منهما بالآخر ضمن توتر النزاع والمغالبة.
جاء في لسان العرب " جدل: الجدْل: شدة الفتل و جدلتُ الحبل أجدِله جدْلا إذا شددت فتله و فتلته فتلا محكما.. و جدل ولد الناقة و الظبية يجدُل جدولا: قوي و تبع أمه..
       الجَدَل: اللَّددُ في الخصومة و القدرة عليها. و قد جادله مجادلة و جدالا. و رجل جَدِل و مِجْدَل و مِجْدَال: شديد الجدل.
     و يقال: جادلت الرجل فجدلته جدلا: أي غلبته، و جادله أي خاصمه مجادلة و جدالا، و الاسم الجدل و هو شدة الخصومة..
    الجدَل: مقابلة الحجة بالحجة و المجادلة: المناظرة و المخاصمة...([7])
    يكشف هذا التعريف عن معنى جوهري من معاني الجــــدل و هو المغالبة سواء أكان ذلك بالتي هي أحسن "و جادلهم بالتي هي أحسن" ([8]) و ذلك من خلال قرع الحجة بالحجة و التسليم عند ظهور الحق، أو كان ذلك عبر المكر و الخداع و إنكار الحق بغير علم و لا هدى و لا كتاب منير، و عندئذ فهو الجدل العقيم الذي نهى عنه الشرع الحكيم.
    و لما كان الغيب و الشهادة مصطلحين، و قبل ذلك حقيقتين، لا تفهم إحداهما إلا إذا اقترنت بالأخرى، و لا يتجلى معنى إحداهما مفصولا عن الأخرى، فإن التعليم القرآني تحدث عنهما بلسان الجمع ليكشف عن أبعاد الجدل الواصل بينهما حينا و الفاصل بينهما أحيانا أخرى. إن الإيمان بالغيب يؤثر في كيفية رؤية المؤمن لعالم الشهادة، بل و في كيفية تعامله معه، تفاعلا و انفعالا والعكس صحيح، لذلك كان طرح مسألة الغيب و الشهادة طرحا لمسالة "الوعي" برمتها، أو قل خوضا في نظرية المعرفة بكل إشكالاتها الموضوعية و المنهجية و الشكلية.
     و إذا كان القرآن الكريم قد بين هذا الجدل في العديد من تجلياته و صوره، بل و في أخطر موضوعاته و قضاياه، فليخلص إلى الإقناع بحقيقة مذهلة قوامها أن الدين المنكر للغيب دين صنمي مهما كانت آلهته، و أن المتعبد في محرابه إنسان ميت مهما أظهر من أدلة الحياة. و في المقابل، فإن الدين القائم على الإيمان بالغيب دين واحد هو دين التوحيد و المؤمن به المتعبد في محرابه إنسان واحد سواء أظهر في أول الزمان أو في آخره هذا الإنسان المؤمن بالغيب هو الإنسان الحي مهما غشيته الظلمات أو حجبته الأكفان و الغيابات.
    كيف يستوعب جدل الغيب و الشهادة أهم قضايا مسألة الإيمان و الكفر؟ و كيف يتحرر العبد المؤمن بالغيب من كل آفات الرؤية الصنمية للذات و للعالم و للأفكار أيضا؟ ثم و في تساؤل آخر، كيف يؤدي إحسان العمل ضمن جدل الغيب و الشهادة إلى خلاص الإنسان و نجاته بعد هدايته وتحريره ؟
    تلك بعض أهم أسئلة هذه القراءة التي سنتناول من خلالها جدل الغيب و الشهادة ضمن مستويات ثلاثة قسمناها بحسب اعتبارات منهجية واعين أنها في الحقيقة و الواقع متضامنة متماسكة و متداخلة تلك هي: المستوى الوجودي، المستوى المعرفي ثم المستوى العملي الأخلاقي.
فلنبدأ أولا  ببيان أهم حقائق هذا الجدل ضمن المستوى الوجودي.

2 _ مستويات جدل الغيب والشهادة

أ – المستوى الوجودي
    ضمن المستوى الوجودي لجدل الغيب و الشهادة تطرح مسألة الإيمان و الكفر باعتبارها القضية المركزية للدين. و يقدم القرآن الكريم الحقائق الأساسية لهذه المسألة بالتأكيد على أن المؤمن هو من آمن بالغيب و الكافر من أنكره. قال تعالى: "الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب و يقيمون الصلاة و مما رزقناهم ينفقون" ([9])
    إن الإيمان بالغيب هو الصفة الأولى للمتقين التي ستميزهم تمييزا حاسما عن الكافرين الذين ستكون صفتهم الأساسية أيضا إنكارهم للغيب و رفضهم للاعتراف بوجوده. فلو حلّلنا مصطلحي الإيمان و الكفر لوجدنا أنهما تتعلقان بمسألة الغيب تعلقا كاملا. إن الكافر هو الجاحد، المنكر، الساتر، المغيب، الرافض أخيرا لوجود عالم الغيب. و في المقابل، فإن المؤمن هو المعترف، المظهر، المسلّم و المستيقن أن وراء عالم الشهادة عالم غيب يحتويه احتواء الظرف للمظروف ويستوعبه استيعاب الزمان لحقيقتي الليل و النهار.
     جاء في لسان العرب تعريفا للكفر: "الكفر: نقيض الإيمان.. كفر بالله يكفر كفرا و كفورا وكفرانا و يقال لأهل دار الحرب: قد كفروا أي عصوا و امتنعوا.. و الكفر: كفر النعمة و هو نقيض الشكر، و الكفر جحود النعمة، و هو ضد الشكر.. و كفر نعمة الله.. و كفر بها: جحدها.. ورجل كافر جاحد لأنعم الله، مشتق من الستر و قيل لأنه مغطى على قلبه.. و أصل الكفر تغطية الشيء تغطية تستهلكه. و قال الليث: يقال إنما سمي الكافر كافرا لأن الكفر غطى قلبه كله... والكافر ذو كفر أي ذو تغطية لقلبه بكفره([10]). هكذا يبرز الكفر كتغييب لحقيقة كبرى، هي مناط الإيمان، حقيقة وجود عالم الغيب. إن الكافر إذ يكفر إنما يمارس في الصميم لعبة الإظهار والإخفاء، الستر و الإعلان، الجحود و الاعتراف.. ذلك أنه حيثما وجد كفر فلابد أن يوجد إيمان و حيثما وجد تغييب فثمة إظهار. قال تعالى عن الكفار: "يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا و هم عن الآخرة هم غافلون" ([11]). فبانحصار علمهم في الظاهر، انحجب عنهم الباطن. و باستقرار بصرهم على الحياة الدنيا، نسوا الآخرة و غفلوا عنها.
     إن الكفر بما هو نفي و تغييب، يتجلى وجوديا على مستويات ثلاثة. و في المقابل فإن الإيمان بما هو اعتراف و إقرار يتجلى أيضا ضمن المستويات الثلاثة نفسها.
     و هذه المستويات الثلاثة هي غيب الوجود و غيب الزمان و غيب الإنسان. فأما غيب الوجود فهو الله سبحانه و تعالى. و الكافر أصلا هو المنكر لوجود الله الملحد في أسمائه النافي لفعله سبحانه و لتأثيره. و أما غيب الزمان فهو البعث إذ هو آخرة هذه الأولى و موئل الموت و الحياة ومنتهاهما. و في حين يؤمن المؤمن بالآخرة و يرجوها باعتبارها يوم الله الأعظم، فان الكافر يجحدها ويقول: "إن هي إلا حياتنا الدنيا و ما نحن بمبعوثين" ([12]).
    فإذا أنكر المنكر الغيبين الأولين، غيب الوجود و غيب الزمان، يكون قد مهد و أنشأ المقدمتين الكبريين لنتيجة ثالثة ضرورية هي إنكار غيب الإنسان وهو "روحه" المستكن في قلب كينونته. وعملية النفي و الإنكار (الكفر) هذه، تتم ضمن نسق تراتبي تصاعدي بحيث تؤدي أولاها إلى أخراها.
    فإن إنكار غيب الوجود و الكفر به، هو بمثابة المقدمة الكبرى الممهدة لإنكار غيب الزمان كمقدمة صغرى لنتيجة لا مفر من إعلانها: الإنسان كائن بدون روح. هكذا يؤدي تغييب الغيب في مستوياته الثلاثة الإلهية و الزمانية و الإنسانية، وهو جوهر عملية الكفر، إلى إعلان ظهور أصنام ثلاثة، هي العالم كهيكل خال من آلهه، و الحياة الدنيا كصيرورة ميتة لا ترجو بعثا و لا نشورا، أما الصنم الثالث فهذا الجسد إذ يخلو من الروح. فعندئذ لا تفلح في ادعاء حياته شتى الحركات و كل أنواع التشنجات و الاضطرابات إلا كما أفلح خوار الشيطان في عجل بني إسرائيل في إحيائه.
    هكذا تنازع العقيدة الكفرية و تجادل لكي تنفي و تجحد و لكنها لا تملك إلا أن تخضع لقانون الجدل القاهر الذي يلزمها بأن تعترف بوجود العالم هيكلا ماديا (صنما) خاليا من كل شيء سوى مادته الصماء، و لا بد له من أن يقرّ بالحياة الدنيا رحلة فانية تنتظرها هوّة العدم المهيمن على كل شيء. و لابد له في النهاية من الاعتراف بالإنسان هيكلا من طين، و صنما جسدا من صلصال من حمإ مسنون لا روح فيه. و الأمر في حقيقته منطقي، فإن الإنسان الذي لا يعرف الله ليس محتاجا إلى لقائه (البعث). و بإنكاره لله و للبعث، فإنه لن يجد حاجة قاهرة للاعتراف بالروح باعتبار أن الروح في الإنسان إنما وجد ليتفاعل مع روح العالم، و ليتصل بالغيب في مستوياته الإلهية والكونية و الزمانية.
    إن روح الإنسان إنما يستمد من روح الله تعالى؛ و بنسيان هذا الإنسان لربه و كفره به ينساه ربه: "و لا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون"([13]). تلك إحدى أهمّ مواضعات جدل الغيب والشهادة و التي لا قبل للإنسان بتغييرها، 
    و مضمونها: إنك أيها الإنسان تملك أن تنسى الله، و لكنك لا تملك أن تمنع الله من أن ينسيك نفسك في جزاء عادل و ترتيب حكيم لا يلام عليه رب العالمين.
     و في حين أدى الكفر إلى تصنيم العالم و إفناء الزمان و تكفين الإنسان، يؤدي الإيمان بالغيب إلى إحياء الإنسان بإحياء روحه و ذلك عبر وصله بقمة أزمانه (البعث)، و قبل ذلك عبر ارتباطه بمصدر وجوده و نافخ روح الحياة فيه أي بربه. و كما كان الكفر بالله و نسيانه سببا في نسيان الإنسان لنفسه، فإن الإيمان به سبحانه سوف يكون سببا في إحياء مشروع الإنسان و في تجاوزه لكل آفات العبادة الصنمية القاتلة المميتة.

    و فيما يلي رسم يوضح كيفية تجلي جدل الغيب و الشهادة على المستوى الوجودي:

نفي:                                                                                                                                                         الايمان ب:
         

 الرؤية1 :الرؤية الشركية الصّنمية                            الرؤية2: الرؤية الايمانية

الخصائص: رؤية صنمية، مادية، أحادية،..                                                                التوحيدية
ميتة وقاتلة..                                                               الخصائص: رؤية توحيدية ، محيية



    إن جدل الغيب و الشهادة ضمن مستواه الوجودي هو الجدل الأخطر و الأهم على الإطلاق إذ أنه أساس تصنيف بني الإنسان ليس فقط في الدنيا إلى مؤمنين و كفار، بل و في الآخرة أيضا إلى أصحاب الجنة و أصحاب السعير. يقول تعالى: "و لو ترى إذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون. قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها و هم  يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون" ([14])

ب  _ المستوى المعرفي
     كيف السبيل إلى الإيمان بالغيب و الحال أنه مستور ؟ و كيف يتم الخلاص من هيمنة الرؤية الصنمية الشركية المدعومة بكل سلطان الظاهر و وعوده البراقة ؟
    هنا،و ضمن المستوى المعرفي لجدل الغيب و الشهادة، نطرح الجانب المنهجي من القضية بعد أن طرحنا في المستوى الأول الجانب المضموني منها.
    و نبدأ فنقول إن الله تعالى لمّا غيّب ما غيّب من شأنه و شأن العالم و الإنسان، و أظهر ما أظهر وفقا لعلمه سبحانه و حكمته، كان من مقتضيات هذا العلم و هذه الحكمة أن يهييء للإنسان مجالا وجوديا و معرفيا وسيطا يكون سببا لإيمانه بالغيب، و ذلك عبر التفكر و التدبر و النظر. و هذا الكون الوسيط و البرزخ الجامع يتمثل في آيات الله تعالى التي بثها على مستويات ثلاثة و ذلك كي تكون براهين دالة على وجود عالم الغيب و على حضوره و هيمنته. فلقد هيأ الله سبحانه و تعالى ودبّر نظام الخلق الكوني و الإنساني و نظام الوحي القرآني بحيث تشكل مجتمعة ثلاثة أنظمة من الآيات البينات التي تدل الإنسان العاقل على وجود عالم الغيب و الشهادة بدون لبس و لا تضليل. أما المستويات الثلاثة للآيات البينات فهي: الآيات الكونية، و الآيات القرآنية و الآيات الإنسانية.
   أما الآيات الكونية فهي ما بثه الخالق في السموات و الأرض من مخلوقات و أحوال و هيئات نبه عليها سبحانه في القران الكريم من مثل قوله تعالى: "إن في خلق السماوات و الأرض و اختلاف الليل و النهار و الفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس و ما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها و بث فيها من كل دابة و تصريف الرياح و السحاب المسخر بين السماء و الأرض لآيات لقوم يعقلون"([15]). هذه الآيات المتمثلة في السماوات و الأرض و ما حوتا من كائنات، و ما أجرى الله تعالى فيهما من ترتيبات، تشكل على كثرتها مستوى أولا من آيات الله تعالى هو المستوى الحسي. إن الكون (العالم) بما فيه، آيات أي براهين و حجج دالة على وجود الإله الخالق الصانع المدبر الحكيم.
    و يعضد هذا المستوى الحسي من الآيات الإلهية مستوى ثانيا، هو الآيات القرآنية و هو مستوى معنوي عقلي حيث نزل الذّكر الحكيم قولا إلهيا معجزا شكلت كل وحدة معنوية فيه آية باهرة تدل العقل السليم على الحق و تهديه إلى الصراط المستقيم. إن القرآن بما حوى كون معنوي يسرّح فيه الإنسان أنظار العقل و يطلق فيه الفكر من عقاله و يستنهض الهمة للفهم و العقل عن الله. قال تعالى واصفا كتابه العزيز: "بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم و ما يجحد بآياتنا إلا الظالمون"([16]). و إذا كان الإنسان يشهد آيات الله تعالى المبثوثة في الأكوان بعيني حسه، فإنه يتعرف إلى آيات الله القرآنية بعين فكره و نظر عقله.
    أما المستوى الثالث لتجلي آيات الله تعالى فهو مستوى برزخي وسيط جمع فيه الله تعالى الآيات الحسية و المعنوية معا، و جعله صورة للوجود غيبه و شهادته، إنه الإنسان. فالإنسان مجمع لكون ثالث من الآيات و تجسيد لمستوى ثالث منها هو مستوى الآيات الحسية_ المعنوية معا. فكل ما في الإنسان من قوى نظرية و طاقات فكرية و ملكات إدراكية يشكل مستوى معنويا من الآيات. و كل ما فيه من آيات شكلت مجتمعة جسده و ما حوى، آيات حسية. قال تعالى: "سنريهم آياتنا في الآفاق و في أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على شيء شهيد"([17]).
    و فيما يلي رسم للآيات الإلهية في مستوياتها الثلاثة

  
     و تشكل الآيات القرآنية بما هي علم الله تعالى، البرزخ الجامع و الوسيط المنبه لغيب الكون وشهادته من جهة ولغيب الإنسان و شهادته من جهة ثانية.
    إن القرآن الكريم ([18]) بما هو هدى للعالمين هو الذي سينبه الإنسان إلى ضرورة تأويل المشهود من الكون (الكائنات و الأشياء و الظواهر الطبيعية ...)، والمشهود من نفسه (جسده)، تأويلا يؤول بهما إلى الغيب الكامن فيهما. فوراء الكون ربه و خالقه الذي أحسن صنعه، و وراء الجسد روحه الذي يدبره و قلبه ([19]) الذي يسيره.
    إن كل آية تتضمن حقيقتين الأولى مشهودة و الثانية غيبية. فمن حيث كونها شيئا محسوسا ملموسا، تشكل الآية نعمة من نعم الله تعالى التي لا تحصى. و من حيث دلالتها تعتبر الآية هداية وبينة من البينات الدالة على وجود الله تعالى. فكل آية هي هداية و نعمة معا، فالبرتقالة مثلا هي نعمة بما هي غذاء حسي للإنسان، و هي هداية (آية) بما هي دليل على وجود من خلقها و برهان على وجود الصانع الحكيم.
   و من هنا كانت الآيات الإلهية موضوعا لأمرين:
1 – يتدبرها العقل و يتفحص حقائقها بعين الفهم و العلم فتهديه إلى خالقها فتؤسس و تحيي فيه ملكة الإيمان و هي القلب (الروح) فلا يلبث أن ينطق قائلا: "سبحان الله". و في قوله: "سبحان الله" يحقق النقلة من الكون إلى خالقه، و ذلك معنى الإيمان بالغيب و هي الهداية المذكورة في كتاب الله تعالى.
2 – ينتفع بها الجسد كأن يأكل الثمرة مثلا أو أن يستظل بالشجرة فإذا سرت منفعتها في جسده وأصبحت لبدنه غذاء فعندئذ يقول "الحمد لله". فإذا شكر عندئذ يكمل إيمانه و اعترافه بالشكر بعد أن بدأ بالتسبيح.
     إن إقامة الدين يمكن اختزالها بكل يسر ضمن هذين المجهودين المتصلين بالآيات الإلهية أعني مجهود التسبيح ومجهود الحمد.
1 _ النظر في الآيات:   سبحان الله                                   إحياء الروح
2_  الانتفاع بها:        الحمد لله                                     إحياء للبدن   
                    إقامة الدين: تتم بإحياء للروح و إحياء البدن.
 

    لكن كيف يتم تجاوز الرؤية "القشرية" الظاهرية للعالم على أنه مجموعة "أشياء" قابلة للاستهلاك والاستغلال و للذّات الإنسانية على أنها جسد طالب للشهوات و الملذات لا غير ؟
   إن ذلك يتم من خلال ممارسة المنهج المعرفي الإيماني و المتمثل في التأويل.
   فما معنى التأويل؟
   جاء في لسان العرب: "أوّل: الأوْل: الرجوع، آل الشيء يؤول أولا و مآلا: رجع و أوّل إليه الشيء: رجعه... و أوّل الكلام و تأوله: دبره و قدره، و أوله و تأوله فسره.. و المراد بالتأويل نقل ظاهر اللفظ عن وضعه الأصلي إلى ما يحتاج إلى دليل لولاه ما ترك ظاهر اللفظ.. و قال بعض العرب: أوّل الله عليك أمرك أي جمعه... و قال أبو عبيد في قوله و ما يعلم بتأويله إلا الله، قال: التأويل المرجع و المصير مأخوذ من آل يؤول إلى كذا أي صار إليه..." ([20])
    إن التأويل كما برز من خلال هذا التعريف يعني إرجاع الشيء و إعادته و الإرجاع يكون إلى الأصل، و الإعادة تكون إلى المصدر و إلى أصل الوضع الذي من أجله كان وجود الشيء.
    و لما كان الوجود قد انطوى ضمن جدل الغيب و الشهادة، فقد لزم التأويل لربط كل مشهود بغيبه الكامن فيه و إعادة دمج كل ظاهر بباطنه. و هذا الجهد التوحيدي العظيم إنما يتم بالوعي. إن عالم الشهادة لا معنى له بدون عالم الغيب، و لكل ظاهر مشهود تأويل غيبي يرجع إليه هو سر وجوده و هو الذي يفسر وضعه و تجليه و حركته. و بدون التوحيد بين الظاهر و الباطن من كل شيء، فإن المعنى سيضيع، و عندئذ تهدد الرؤية الصنمية بالغلبة و الاستيلاء.
    لذلك اقتضت عملية التدين ممارسة التأويل. لا بل إن الإيمان ليس في جوهره سوى عملية تأويل، تأويل العالم بإرجاعه إلى خالقه، و تأويل الزمان بجمعه عند الساعة التي فيها يفرق كل أمر، و تأويل ظاهر الإنسان بضمه و توحيده مع روحه الكامن فيه.
   و يهدف التأويل إلى إنجاز رؤية حقيقية تجمع الظاهر و الباطن في الوقت نفسه لذلك يمكن القول إن المجهود التوحيدي هو مجهود تأويلي بالأساس. وعبر التأويل يحقق الإنسان هدفين و ينجز مهمتين:
 أ _ المهمة الأولى: تحقيق الاهتداء إلى الحق و ذلك عبر العلم بالآيات الإلهية في مستوياتها المختفلة و إحسان تأويلها و دمج بعضها مع البعض الآخر.
 ب _ المهمة الثانية: تحقيق النجاة للإنسان و ذلك عبر العلم بالمآلات. فلما كان معنى التأويل استعادة المعنى الأصلي و المفهوم العميق و الدلالة الحقيقية الأولى، فإن المؤول قادر على تجاوز المطبات و شتى أنواع الإيهام والإغراءات التي تعترضه في الخارج.
    إن التأويل السليم الذي يحرض عليه الشرع الحكيم هو الذي ينبني على النظر في الآيات الإلهية في مستوياتها المختلفة.
    و من خلال الآيات وحدها (العلامات، الإيحاءات..) تحصل الهداية إلى الحق و يستحق الإنسان أخيرا أن يحصل على اليقين.
    أما الاتجاه المقابل و القائم على الغفلة عن الآيات الإلهية بكل ألوانها و تجلياتها "و كأين من آية في السماوات و الأرض يمرون عليها و هم عنها معرضون"([21])، فإنه لن يجد بدا من الاكتفاء بالظنون و قد غابت عنه العلامات، ليرتكس أخيرا في الأوهام و الضلالات. و إذا كانت ثمرة النظر في الآيات تحصيل اليقين، فان نتيجة الغفلة عنها الإصابة بالعمى في الدنيا و الآخرة قال تعالى: "ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا و نحشره يوم القيامة أعمى. قال رب لم حشرتني أعمى و قد كنت بصيرا. قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها و كذلك اليوم تنسى. و كذلك نجزي من أسرف و لم يؤمن بآيات ربه و لعذاب الآخرة أشد و أبقى" ([22]).
 ج – المستوى العملي (الأخلاقي)
     المستوى الثالث لتجلي جدل الغيب والشهادة هو مستوى العمل و السلوك و كيفية الممارسة والتطبيق. و كما أنه توتر على مستوى الوجود بين النفي و الإثبات، و على المستوى المعرفي بين النظر في الآيات و بين الغفلة عنها، فإنه على المستوى العملي سيتجلى ضمن مسارين: المسار الأول مسار إقامة الصلاة، و الثاني مسار إتباع الشهوات. فما هي حقيقة كل واحد من هذين المسارين ؟ و كيف ينتظمهما هذا الجدل ؟
1 _  مسار إقامة الصلاة
      تشكل الصلاة واسطة عبور الإنسان من ذاته الحسية، الاعتبارية، الاجتماعية الظاهرة إلى ذاته الأصلية الأولى، إلى فطرته التي فطره الله عليها. إنها استعادة تقويم النفس بربها فقط. قال تعالى "أقم الصلاة لذكري .. الآية " ([23])
    و بدخوله في الصلاة، ينتبه المصلي انتباها كاملا حيث يخرج من كل علاقاته و اعتباراته الدنيوية و من كل علاقاته بالناس و بالأشياء ليؤكد علاقته بربه فقط "و لذكر الله أكبر" ([24]). فإذا حصلت له هذه الإنابة، و تم له الإخبات، و خشعت نفسه بين يدي بارئها، تمكن بفضل سر الصلاة و بمنّ ممن توجه إليه، من تجاوز سلطان الناس و الأشياء، أي من تجاوز الطاغوت و الكفر به. إن طغيان الناس و الأشياء هو الأساس الحقيقي لظهور الجبابرة و الطواغيت. و إن الإنسان الخاضع لذاته الاعتبارية الاجتماعية لا يستطيع أبدا أن يفلت من تأثير الشهوات في عقله و نفسه و كيانه. وإذا اتبع الإنسان الشهوات خضع للطواغيت بالضرورة؛ لأن وراء كل شهوة طاغوت لا يعطيها إلا عبر تعظيمه و عبادته و الركوع بين يديه.
    لذلك كانت العلاقة جدلية بين إقامة الصلاة و الانتصار على الشهوات، و بين ترك الصلاة (تضييع الصلاة) و إتباع الشهوات. قال تعالى: "فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة و اتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا " ([25]).
   إن إقامة الصلاة تبعد المصلي عن الفحشاء و المنكر. قال تعالى: "إن الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر". و لذلك طلب الشرع من المؤمنين أن يقيموها دائما و في كل الأوقات و أن يحافظوا عليها حتى في حالة الحرب و القتال، و ذلك لأن المسلم مطالب أبدا بأن لا يقع تحت سلطان الشهوات. و لما كانت الصلاة تتجلى كاتجاه و قبلة، فإن أي انحراف عن هذه القبلة لن يكون سوى ارتكاس في الاتجاه المعاكس، اتجاه الفحشاء و المنكر. و عبر إقامة الصلاة تتأسس و تتحقق ثمرات عديدة نذكر منها الفائدتين التاليتين:
1 – الحرية: حيث أن الصلاة تحرر و خروج من ذكر النسبي بكل و عوده و إغراءاته.
2 – الفعالية: إن التعامل مع العالم متمثلا في الناس و الأشياء مع المقدرة على تجاوزهم هو المؤسس الحقيقي لفعالية المؤمن، لذلك كان الفرار إلى الله يعني إقامة الصلاة. قال تعالى: " ففروا الى الله إني لكم منه نذير مبين" ([26]).
   و إذا كان الإنسان يخرج عند الصلاة من سائر علاقاته، فإنه يقتدر عند إعادة الانتشار في الأرض على ممارسة العمل الصالح و ذلك بعد الاستمداد من أنوار الغيب و اتصال روحه بمصدر حياته و سبب استنارته ذاك ربه.
   إن الصلاة تشكل عندئذ إحدى أهم فعاليات الوصل بين العالمين، عالم الغيب و عالم الشهادة، وهي الذّكر الذي يعضد الفكر كعنوانين لعبادة المؤمن و ممارسته للتدين. و إذا كان الفكر يتم عبر النظر في الآيات، فإن الذكر يتم عبر إقامة الصلاة. و من خلال هذين الأمرين معا تقوى في الإنسان القوتان جميعا أعني قوة النظر و التي ثمرتها الإيمان و قوة العمل و التي ثمرتها العمل الصالح.
   و فيما يلي رسم يوضع دور الذكر و الفكر في تأسيس صلة حقيقية للإنسان بالغيب واقتداره على استثمار كل الطاقات التي يزود بها هذا الغيب المؤمنين به.
  

    هكذا يقوم المؤمن بتجاوز العالم كأشياء (صنم) ضمن حركة و مجهود الفكر، فيحقق التنوير ويحصل على الإيمان. و يقوم بتجاوز الناس و الأشياء (أصنام) عبر الصلاة فيحقق التحرير وثمرته الاقتدار على ممارسة العمل الصالح.
   و عبر الاستنارة بالإيمان و التحرر بالعمل الصالح، تحصل النجاة التي هي غاية الغايات وأسمى المطلوبات يقول أبو حيان التوحيدي رابطا بين العلم والعمل و النجاة: "العلم أحاطك الله إنما يراد للعمل كما أن العمل يراد للنجاة فإن قصر العلم عن العمل قصر العمل عن النجاة وعاد كلاّ وأورث ذلا و صار في رقبة صاحبه غلا" .
 3 _ الإيمان بالغيب و اجتماع الزمان
    يتداخل جدل الغيب و الشهادة مع مسألة الزمان تداخلا شديدا حتي ليمكن القول أن هذه القضية ما هي إلا صورة أخرى من صور تجلي معضلة الزمان بحقائقه و أحلامه و معانيه و أوهامه. إن غيبة ما غاب فاصل زمان يحجبه عن الظهور، فإذا انتهى هذا الفاصل ظهر و انتهى الغياب. هكذا يتأكد أن الموت ما غاب إلا لانهماك الإنسان في الحياة الدنيا؛ فإذا غابت الحياة الدنيا وانتهى زمانها ظهر الموت الذي كان غائبا. و كذلك الموت هو سبب غياب الآخرة. فإذا انتهت مدته و انقضى زمانه ظهر البعث و نفخ في الصور. لذلك لا يمكن تناول قضية الإيمان و لا العمل الصالح كذلك مفصولتين عن الوعي بالزمان و كيفية تحقيق هذا الوعي.
    إن المؤمن يخترق الزمان عبر التأويل بالفكر و عبر الشهود بالذكر ليتصل بالغيب، ما غاب من الوجود و ما غاب من الزمان. و ضمن الوعي الإيماني بالحقيقة يجتمع الغيب و الشهادة و تلتقي أجزاء الزمان. و إذا كان ظاهر أمر الوجود غيب و شهادة، و ظاهر أمر الزمان انفصال إلى حياة دنيا و موت و بعث، فان حقيقة الأمر أن الوجود واحد و الزمان كذلك واحد لذي علم.
   إن الإيمان بغيب الوجود (الله سبحانه و تعالى) يمكّن المؤمن من أن يحيا ضمن وجود واحد ليله كنهاره أي غيبه كشهادته، و إن الإيمان بغيب الزمان (البعث) يمكنه من استحضار الآخرة وهو بعد في الدنيا.
   إن تيقن الآخرة و حصولها شرط لابد منه للاستفادة من الزمان و هو الحياة و الموت (الليل والنهار). فمن لم يجمع بين ليله و نهاره، بين جسده و روحه، بين ربه و العالم، فلن يقتدر على الوصول لا إلى الحرية و لا إلى الفعالية و ذلك بعد أن فقد الاستنارة. إن غياب الليل لئن حجب النهار في ظاهر الأمر فيجب أن لا يحجبه في حقيقة الأمر، ذلك ما لم يعقله الكافرون فحجبهم نهار الدنيا (أول الزمان) عن ليلها (الموت) فطغت فيهم الدنيا بشهواتها و لذاتها و لكن بأوهامها أيضا.
   و عبر الإيمان بالآخرة يستطيع المؤمن أن يحقق ما عجز الكافر عن تحقيقه أي على توحيد الأزمان وجعلها وجودا واحدا، محجة بيضاء ليلها كنهارها.
    إن اجتماع الزمان ضروري لممارسة "لعبة الأزمنة" باقتدار و تمكين الهي. و يتم اجتماع الزمان بالإيمان. لذلك كان الموت و كانت الآخرة انقلابات جذرية لا بل فواجع في حياة الكافرين و ضمن مسارهم الوجودي. أما في حياة المؤمنين و ضمن مسارهم و كدحهم إلى ربهم الحق، فان الموت ثم البعث بعد ذلك ليسا سوى تحقق للوعد، وعد الأبدية و الخلود للمؤمنين و الخزي و تأبيد العذاب للكافرين .
   إن البعث سوف يشكل صدمة و زلزالا يهدم كل آمال و قبل ذلك أفهام الكافرين، و لكنه سيكون موعد تثبيت المؤمنين فلا يزيدهم إلا يقينا و إيمانا. يقول تعالى مبينا اختلاف وعي المؤمن عن الكافر و مدى فهم الأول و ضلال الثاني: "و يوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون. و قال الذين أوتوا العلم و الإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث و لكنكم كنتم لا تعلمون([27]).





[1]  _ سورة سبأ ، الآيات : 1 _ 5
[2]  _ سورة التغابن ، الآية : 2
[3]  _ سورة سبأ ، الآية : 48
[4]  _ سورة الأنعام ، الآية : 60
[5]  _ سورة النحل ، الآية : 19
[6]  _ سورة الرعد ، الآية : 9
[7]  _ ابن منظور، لسان العرب، بيروت دار صادر، 1994، ط 3، مجلد11،مادة جدل ص ص 103 _ 105
[8]  _  سورة النحل ، الآية : 125
[9]  _ سورة البقرة ، الآيات : 1 _ 3
[10]  _  لسان العرب، مجلد 5، مادة كفر، ص ص 144 _ 146
[11]  _ سورة الروم ، الآية : 6
[12]  _ سورة الأنعام ، الآية : 30
[13]   _ سورة الحشر ، الآية : 19
[14]  _  سورة الأنعام ، الآيتان : 30 _ 31
[15]  _ سورة البقرة ، الآية : 163
[16]  _ سورة العنكبوت ، الآية : 49
[17]  _ سورة فصلت ، الآية : 52
[18]  - القران الكريم أنموذج للكتاب الإلهي المنزل، وكتب الله تعالى المنزلة كلها تحوي آياته .لكن لما داخَل الوحي الأول ما داخل و اعتراه ما اعتراه أصبح القران الكريم نسخة جامعة للوحي الإلهي.
[19]  _ حقيقة الروح (القلب): يقول الغزالي في كيمياء السعادة: "أما سؤالك ما حقيقة القلب فلم يجىء في الشريعة أكثر من قول الله تعالى: " و يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي" لأن الروح جزء من جملة القدرة الالهية ، وهو من عالم الأمر". و يضيف  "و أما حقيقة القلب فليس من هذا العالم لكنه من عالم الغيب، و هو في هذا العالم غريب فعليك بالمجاهدة حتى تعرفه لأنه جوهر عزيز من جنس جوهر الملائكة و أصل معدنه من الحضرة الإلهية" كيمياء السعادة " ص ص 10-11.
[20]  _ لسان العرب، مجلد 11 ، مادة أول ، ص ص 32 – 34
[21]  _ سورة يوسف ، الآية : 105
[22]  _ سورة طه ، الآيات : 123 _ 125
[23]  _  السورة نفسها،  الآية : 14
[24]  _ سورة العنكبوت ، الآية : 45
[25]  _ سورة مريم ، الآية : 56
[26]  _  سورة الذاريات ، الآية : 50
[27]_ سورة الروم ، الآيات : 54 _ 56

تعليقات